يكتب ماجد أسدي أن غزة ليست تحت “الاحتلال”، بل تتعرض للمحو الكامل. الدبابات لا تدخل للسيطرة على المدينة، بل للتدمير. شهدت أحياء رفح وبيت حانون دمارًا واسعًا، ويعيد هذا السيناريو نفسه الآن في وسط غزة، حيث تحولت أحياء الطفاح وصبرا والزيتون إلى أطلال وركام.

أوضح ميدل إيست آي أن الحديث عن "احتلال غزة" يهدف إلى تضليل العالم، فالقوات الإسرائيلية تتواجد على أراضي غزة منذ نحو عامين دون أي شكل من أشكال الحكم العسكري. بدلاً من ذلك، تتبع إسرائيل سياسة تدمير كاملة تهدف إلى مسح المدينة وسكانها من الوجود، محو واحدة من أقدم المدن في العالم عبر الغارات الجوية وإطلاق النار العشوائي، إلى جانب جرافات تدمر أحياء بأكملها. البنية التحتية والكهرباء والمياه والمستشفيات والمدارس توقفت عن العمل، واعتبر السكان أن "لا شيء هناك للاحتلال، فالمدينة نفسها لم تعد موجودة".

يشير المقال إلى أن هذه السياسة تستهدف القضاء على الحياة البشرية والأرض معًا، وأن خطاب "الاحتلال" يغطي على حقيقة الإبادة الجماعية. الهدف ليس إدارة المدينة، بل جعلها غير صالحة للسكن، لتصبح غزة مثالًا عالميًا على كيفية استخدام اللغة السياسية كستار لتدمير المدن والشعوب.

يسلط المقال الضوء على العنف الخام، حيث لن تنقذ الدبلوماسية أو أي انتصارات سياسية التكاليف الهائلة، إذ تكشف الأحداث عن جوهر المشروع الصهيوني: الهيمنة العسكرية والعنصرية، المفروضة من خلال الطرد والتهجير والاستيلاء على الأراضي، كركائز أساسية له.

يشدد الكاتب على أن ما يحدث في غزة ليس مجرد حدث تاريخي، بل علامة عالمية تواجه المجتمع بالجوهر الاستعماري الذي يسعى لمحو مدينة كاملة وسكانها، في حين يظل حق اللاجئين محجوبًا عبر الإنكار والمحو التاريخي. أصبح غزة مرآة تكشف الصهيونية بدون أي فلاتر: تدمير كامل، محو الأرواح، وإبادة المجتمع، مع تأكيد المسؤولية الأخلاقية لكل مواطن إسرائيلي تجاه الحركة الاستيطانية وقوة الدولة والتاريخ الذي يرفض الاعتراف به.

يرى المقال أن غزة تمثل اختبارًا تاريخيًا، يجبر الإسرائيليين على مواجهة أسئلة أخلاقية حول الأرواح المحذوفة والتاريخ الممسوخ. حتى أفعال بسيطة مثل مشاركة علبة بسلة مع قطة شارع تمثل معنى الحياة هناك، وما ينجو من المدينة وما يهرب من رماد الدمار لن يختفي مع الدخان.

يبرز الكاتب أن أولئك الذين ما زالوا يتحدثون عن "السلام" في ظل غياب كل شيء يفقدون جوهر الواقع، فوجود الدولة الإسرائيلية يعتمد على أنظمة القوة والسيطرة التي تضمن استمرار الهيمنة، وهي غالبًا مفصولة عن المسؤوليات التاريخية. لكل مواطن إسرائيلي واجب مواجهة هذا الاعتماد والتحرر من موقف الإنكار والتهميش، وكل منظمة أو فرد لم يرفع صوته من أجل غزة فشل في أداء واجبه.

يشدد المقال على أن الحياة في غزة تحمل معنى مختلفًا: الأسرة الجائعة التي تعطي حفنة دقيق لجارتها الأرملة، الشخص الذي يجمع العظام ويغطيها ويدفنها، الناجون من إطلاق النار قرب مراكز "المساعدات" الذين يشاركون ما نجوا به مع جيرانهم؛ كلها لقطات تعكس صمود الحياة وسط الدمار. ومن ينجو من غزة سيخاطب العالم بصوت قوي وواضح: لا مكان للاختباء عندما يصبح الواقع جريمة مستمرة ضد الإنسانية.

https://www.middleeasteye.net/opinion/gaza-genocide-there-nothing-occupy-city-itself-no-longer-exists